شكا ذات مرة قبل رحيله الأكاديمي والمفكر الراحل الدكتور هشام شرابي من حالة الهوان العربي متسائلاً: «متى نستعيد كعرب عضلات القوة والعافية»؟
«إن منطق التاريخ يقتضي بأن يسترد العرب عافيتهم». (د. هشام شرابي «أزمة المثقفين العرب» ص44).
حديث هذا المفكر عن «منطق التاريخ»، جاء وقلبه يعتصر ألماً على واقع عربي هَشَّ هو اليوم أكثر هشاشةً من السابق.
لن تُستعاد عضلات القوة والعافية العربية ما داموا عاجزين عن امتلاك أدنى حالات التضامن أمام الغطرسة الصهيونية والإمبريالية.
مواردهم الاقتصادية ضخمة لكنهم مع الأسف لا يمتلكونها في الحقيقة. غيرهم يمتلكها. تلك هي الحقيقة. لن يكون هناك تغيير في حالة الهوان العربي ما دامت قلوب القادة والزعماء تفتقر إلى صفاء الحب.
«التغيير» بحاجة إلى الإرادة ونبذ الخلافات.
تساءَل هشام شرابي «أين يقف العرب إزاء عملية التحديث»؟
وهنا أجيبه بأنهم غير معنيين بالتحديث الحقيقي. هم معنيون – مع الأسف – بتسجيل أهداف في مرمى بعضهم البعض. هم معنيون بمصالحهم الخاصة البعيدة عن الهم القومي العربي.
وَبوجعٍ ما بعده وجع يمضي هذا المفكر الراحل قائلاً «إن المنطقة العربية اليوم من أكثر المناطق النامية تخلّفاً، ولا يفوقها في هذا المضمار إلا بعض دول افريقيا الوسطى». (المرجع السابق ص33).
أما المفكر المصري د. جلال أمين فقد وصف الأرض العربية بأنها باتت «أرض مَشاع» للأجنبي يرتع فيها كما يشاء. وصف دقيق لواقعنا العربي.
قبل وفاته وبكلمات تقطر أسى يقول هشالم شرابي مُحذّراً العرب قائلاً: «إن لم نستطع أن نتمسّك بمنطق النهضة بمحتوى أو مضمون آخر، فإننا كعرب في القرن الحادي والعشرين سنفشل في مجابهة التحديات التي نواجهها في صراعنا مع إسرائيل وضد الهيمنة الأميركية». (المرجع السابق ص132).
ما يحدث اليوم على أرض الواقع يؤكد ما تنبّأ به هذا المفكر الراحل. ثمّة فشل ذريع في مواجهة التحديات التي تواجهنا كعرب ومسلمين.
قضيتنا الفلسطينية باتت محل «مساومات» لم يحصل مثلها في السابق. ما أسوأ أن تُساوم على كرامتك! ما أمَرَّ أن تتخلّى عن كرامتك!