Homeمقالاتآراءإلى المعلمين والمعلمات مع أطيب التحيات الواجب أولا والحق ثانيا

إلى المعلمين والمعلمات مع أطيب التحيات الواجب أولا والحق ثانيا

في أي علاقة مع أي طرف وحتى إن كان العدو، ينشأ عقد ضمني أو مكتوب وموقع عليه من الطرفين أو الأطراف المتعاقدة يُبيّن فيه ما على كل طرف من واجبات نحو الآخر، وما له عليه من حقوق، فالعقد شريعة المتعاقدين. ينطبق هذا الوضع على العقد بين المعلم/ة ووزارة التربية والتعليم، ويجب أن يكون واضحاً ومفهوماً وملتزماً به من الطرفين.

عندما يفكر المعلم/ة ملياً ويحلل الأمر فإنه يكتشف في نهاية التحليل أن القيام بالواجب يبدأ أو يتقدم على الحق، وأنه شكل من أشكال الإنتاج. كما يتبين له وفي نهاية التحليل أن الحق يأتي بعد القيام بالواجب، وأنه شكل من أشكال الاستهلاك وأن لا استهلاك دون إنتاج، أي أن لا استهلاك لاحقا دون إنتاج سابق، ولا واجب مسبقا دون حق لاحق.
وعليه وفي ضوئه فإن الخلافات والاختلافات بين المعلمين والمعلمات ووزارة التربية والتعليم يجب أن تسوى في هذا الإطار أو المعنى. ومن ذلك أنه لا يحق لمعلم/ة غير راضٍ عن مكان عمله، أو عن راتبه أو عن العلاقة مع المدير/ة،… الانتقاص من الواجب الذي عليه قيد أنملة واحدة، أو انتهاك العقد بحجة ادعاء حقوق غير واردة في العقد إضافيةً أو جديدةً، من مثل عدم دخول الفصل / الصف أو الامتناع عن التعليم، أو صرف التلاميذ أو التلميذات منه أو من المدرسة بعد نصف أو ثلث الدوام. مثل هذه التصرفات تعتبر خيانة للعقد وتسمح للوزارة بفسخه وطرد المعلم/ة وربما جره إلى القضاء.
لا أعني – طبعاً– انه لا يجوز للمعلم /ة المطالبة بحقوق إضافية أو جديدة ناتجة عن واجبات أو ظروف جديدة، ولكن، إلى أن يتم التوصل إلى عقد جديد يجب على المعلم/ة مواصلة القيام بواجبه نحو التلاميذ والتلميذات كاملاً وغير منقوص. وإذا أضرب عن التعليم أو تظاهر في الشارع على حساب التعليم، فإنه يجب عليه التعويض التام لهم عن ذلك.
التعليم يا سادة أي يا معلمين ومعلمات ومديرين ومديرات تنمية بشرية، وهو لذلك أرقى عمل يقوم به الإنسان، لأنه ليس إنتاج شيء ما أو سلعة ما، بل تكوين لأجيال وصياغتهم ليكونوا أفضل من الجيل السابق ليبقى المجتمع ويتقدم ويدوم.
إن التعليم – كما تعرفون– في بداية المطاف وفي أثنائه – وفي نهايته- عمل مقدس، وكاد المعلم أن يكون رسولا وهو لمن يقدر عليه ويؤديه بجودة وإخلاص ومحبة، متعة لا مثيل لها، فالمعلم/ة يرى الأطفال أمامه ينمون عقلياً وجسمياً ويتغيرون إيجابياً، بالفرق بين ما كانوا عليه عند الالتحاق بالمدرسة وبعده، وأن تأثير المعلم/ة الإيجابي (او السلبي) يمتد طويلاً في المستقبل. ولعله لهذا قال المعلم الأول في التاريخ الفيلسوف الإغريقي ارسطوطاليس: « إن من يعلّم الأطفال بجودة ومهارة يستحق الاحترام والتقدير أكثر من الذين ينجبونهم». إن المعلمين والمعلمات الذين لا يدركون تأثيرهم البعيد أو أثرهم الباقي على المتعلمين والمتعلمات ليسوا معلمين ومعلمات أو مديرين أو مديرات محترمين، إنهم مجرد أشخاص أجبرتهم البطالة أو الظروف على الاشتغال في التعليم، وسيتركونه إذا لاحت الفرصة المطلوبة أو المرغوب فيها، أكثر من الرغبة عندهم في التعليم.
قد تستغربون لماذا أوجه هذا الكلام إلى المعلمين والمعلمات، وجوابي أن التعليم هو الذي يغير التاريخ، وأن المعلمين والمعلمات هم القدوة، أو يجب أن يكونوا القدوة في المجتمع بطبقاته وللعاملين في الدولة والناس في المجتمع. ويجب أن يدركوا ذلك ويفخروا به ويلتزموا به.
في الأردن العزيز يتبرم كثير من الاباء والأمهات حيث أطفالهم في المدرسة العامة، من تراجع مستوى التعليم والتعلم قياساً بما يذكرونه في الماضي. كما يشكون من عودة اطفالهم من المدرسة مبكراً، ولكن هؤلاء الآباء والأمهات لا يعملون شيئاً حيال ذلك، كما يفعل غيرهم في بقية العالم، مع أن المدرسة وكيلة الأسرة – وكيلتهم- في التعليم والتعلم. إنهم يكتفون بالشكوى، وكأنهم تروضوا عليها وعلى وضع المدارس المخالفة للعقد، فلا يحتجون على المدرسة أو لا يضغطون عليها لتقوم بواجباتها.
واخيراً: أنا لا أطالبك بذلك وأنا عنه بنجوة، فقد كنت طيلة عملي في التعليم وفي غيره ملتزماً بالعقد، وبالواجب وأكثر منه. لم أنتقم يوماً أو مرّة من التعليم لأن الحكومة عاقبتني وسجنتني سياسياً ونقلتني من مدرسة إلى أخرى. لقد بقيت ملتزماً وأشعر بالمتعة في التعليم أياً كان وضعي الخاص خارجه. بل كنت أشعر بالسعادة عندما كنت أرى تلاميذي وتلميذاتي يعكسون حبي وحماسي والتزامي بالتعليم بمحبتهم للتعلم، وبإقبالهم الشديد عليه.
فما أجمل القيام بالواجب وما أجمل الحصول على الحق بعده!

ذات صلـــــة

الأحدث

الأكثر مشاركة

التنمية : فتح تحقيق إداري لتحديد المقصرين بحريق دار للمسنين

أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية، فتح تحقيق إداري لتحديد المقصرين بحادث الحريق الذي تعرضت له دار الضيافة في جمعية الأسرّة البيضاء الخاصة فجر الجمعة. وقالت الوزارة،...