حقق علماء الفيزياء الفلكية من معهد نيلز بور بجامعة كوبنهاغن اكتشافا علميا رائدا، إذ رصدوا درجة حرارة الجسيمات الأولية في الوهج الإشعاعي الناتج عن اصطدام نجمين نيوترونيين وتكون ثقب أسود.
وتُعد هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من قياس الخصائص الفيزيائية المجهرية في مثل هذه الأحداث الكونية. ونُشرت الدراسة في مجلة “أسترونومي & استروفيزكس”.
وشهد الحدث المعروف باسم “كيلونوفا” اصطدام نجمين نيوترونيين، ما أسفر عن تشكّل أصغر ثقب أسود تم رصده حتى الآن.
وأدى الانفجار الكوني الدراماتيكي أيضا إلى تكوين كرة نارية توسعت بسرعة تقارب سرعة الضوء، وسطعت بضوء يوازي سطوع مئات الملايين من الشموس.
قاد فريق الباحثين من مركز “كوزميك دون” التابع لمعهد نيلز بور هذه الدراسة، حيث استخدم قياسات من تلسكوبات حول العالم لدراسة الكيلونوفا.
وتوفر هذه الملاحظات رؤى جديدة حول تكوين العناصر الثقيلة، ما يساهم في الإجابة عن سؤال قديم في علم الفلك: من أين تأتي العناصر التي هي أثقل من الحديد؟
ويقول ألبرت سنابين، طالب دكتوراه في معهد نيلز بور والمؤلف الرئيسي للدراسة: “من خلال دمج البيانات التي تم جمعها من التلسكوبات في أستراليا وجنوب أفريقيا وتلسكوب هابل، تمكنا من متابعة التطورات الدراماتيكية لهذا الانفجار بتفاصيل دقيقة، ونحن نظهر أن الصورة الكاملة تكشف أكثر مما تقدمه الملاحظات الفردية”.
رصد تكوين العناصر الثقيلة
وكان السطوع الشديد لانفجار الكيلونوفا ناتجا عن كميات هائلة من الإشعاع الصادر من تحلل العناصر الثقيلة المشعة التي تكونت أثناء الانفجار.
ومن بين هذه العناصر التي تم رصدها كان عنصري “السترونشيوم” و”الإتريوم”، مما قدم أدلة مباشرة على تكوينهما.
ويقول راسموس دامغارد، المؤلف المشارك وطالب دكتوراه في مركز “كوزميك دون: “لأول مرة، يمكننا رصد تكوين الذرات وقياس درجة حرارة المادة، وهو ما يساعدنا في فهم الفيزياء الدقيقة لهذه الانفجارات الكونية”.
ووجد الباحثون أن درجة حرارة المادة النجمية بعد الاصطدام مباشرة كانت مشابهة لدرجة حرارة الكون بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم، حيث بلغت مليارات الدرجات وكانت أعلى بآلاف المرات من حرارة مركز الشمس.
وفي هذه الحالة الحرارية العالية، لا ترتبط الإلكترونات بالنوى الذرية، ما يؤدي إلى تكوين بلازما، ومع تبريد المادة بمرور الوقت، تتحد الإلكترونات في النهاية مع النوى الذرية لتشكيل الذرات، مما يعكس العمليات التي حدثت في الكون المبكر.
ويقول كاسبر هينتز، المؤلف المشارك وأستاذ مساعد في معهد نيلز بور”يتيح لنا هذا الانفجار النجمي فرصة لرصد تكوين العناصر الثقيلة في الوقت الفعلي، مما يوفر نافذة فريدة على الحاضر والماضي البعيد للكون”.
ويضيف: “يقدم هذا البحث تفاصيل جديدة حول الاصطدامات الكونية التي تؤدي إلى تكوين الثقوب السوداء، ويوفر نظرة غير مسبوقة على تكوين العناصر الثقيلة، مما يساعد في الإجابة عن أسئلة رئيسية حول أصل اللبنات الأساسية للكون”.