Homeمنوعاتتفادي تفشي الأوبئة الحيوانية يبدأ بتعزيز الجاهزية وتدابير الاستجابة

تفادي تفشي الأوبئة الحيوانية يبدأ بتعزيز الجاهزية وتدابير الاستجابة

الأمراض الحيوانية المنتقلة بين الدول تتسبب بخسائر جسيمة في حال التقاعس عن الاستجابة لها واحتوائها

بقلم جوركان أولوسوي، رئيس قسم صحة الحيوان في الشرق الأدنى والإمارات، في شركة بوهرنجر إنجلهايم

تعتبر الأمراض الحيوانية المنتقلة بين الدول حالات صحية شديدة العدوى يمكنها الانتشار سريعاً على نطاق واسع لتهدد صحة الحيوان والإنسان، وتضع العراقيل في وجه استقرار الاقتصادات الوطنية، وتتسبب بتدهور الأمن الغذائي العالمي. وتؤكد المنظمة العالمية لصحة الحيوان على قدرة هذه الأمراض على التسبب بخسائر جسيمة تُقدر بمليارات الدولارات سنوياً، ناهيك عن أثرها الكبير على التجارة وسبل العيش حول العالم[i]. ومن بين الأمثلة الجديرة بالذكر في هذا السياق تبرز انفلونزا الطيور. فعلى الرغم من أنها تؤثر بشكل رئيسي على الطيور، إلا أنها قد تتسبب بتداعيات لا تحمد عقباها على صحة الإنسان كذلك[ii]، فضلاً عن مرض اللسان الأزرق الذي يؤثر بشكل رئيسي على الأغنام ويعرف أيضاً باسم الحمى الرشحية عند الأغنام[iii].

يمكن للأمراض الحيوانية المنتقلة بين الدول أن تلحق أضراراً كبيرة بمزارع الحيوانات في الأردن، لاسيما في المجتمعات الريفية والمناطق الحدودية التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة والثروة الحيوانية. وقد تقود محدودية الوصول إلى اللقاحات والخدمات العلاجية في هذه المناطق إلى تفشي هذه الأمراض في الثروة الحيوانية الأردنية. ولن يكون أثر ذلك مقتصراً على صحة الحيوان فحسب، بل سيمتد ليشمل انخفاض جودة الخدمات، وتخفيض الدعم المقدم للمزارعين للتركيز على التصدي لهذا التفشي، وانخفاض الفرص الاقتصادية السانحة للمزارعين، وزيادة تكاليف الإنتاج في القطاع بأسره. [iv] وعلى أي حال، يمكن السيطرة على تفشي هذه الأمراض بشرط وجود أنظمة مراقبة فعالة وإجراءات لحماية الأمن الحيوي، بما يحد من أثر الأمراض على الصحة العامة والاقتصادات الوطنية.

الإجراءات الوقائية واستراتيجيات الأمن الحيوي

تستدعي الوقاية من الأمراض الحيوانية المنتقلة بين الدول وجود أنظمة مراقبة فعالة وتدابير شاملة لتعزيز الأمن الحيوي على المستوى الوطني وضمن مزارع الحيوانات. وتشمل إجراءات الأمن الحيوي السيطرة على حركة الحيوانات، وتعقيم المنشآت والمعدات، وتطبيق بروتوكولات الحجر الصحي للحيوانات الجديدة أو المريضة. ويتعين على المزارعين أيضاً تطبيق ممارسات تعقيم صارمة، والحد من الزوار، ومراقبة الحيوانات لرصد أي علامات أولية على المرض.

وتلعب أنظمة المراقبة دوراً حيوياً في الكشف المبكر عن الأمراض والاستجابة لها. فمن خلال المراقبة المستمرة لصحة الحيوان، تتمكن الهيئات المعنية من التعرف سريعاً على حالات تفشي الأمراض وتطبيق استراتيجيات احتواء انتشار المرض بكفاءة عالية. ولابد هنا من الإشارة لأهمية برامج التطعيم. وكمثال، يتم استخدام لقاحات الحمى القلاعية ومرض اللسان الأزرق في المناطق الموبوءة للتقليل من حدوث وانتشار هذه الأمراض.

التعاون العالمي ومشاركة المعلومات

نظراً لطبيعة العديد من الأمراض الحيوانية المنتقلة بين الدول التي تتسم بأنها حيوانية المنشأ مع إمكانية انتقالها للبشر، يتعين تعزيز علاقات التعاون بين هيئات الصحة العامة وتلك المعنية بصحة الحيوان. ومن هذا المنطلق، تعكف منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على مراقبة الأمراض الحيوانية المنشأ عبرالنظام العالمي لمراقبة الأنفلونزا والاستجابة لها[v]. ويمكّن هذا التعاون من إجراء تقييم للمخاطر الناشئة عن التفاعل بين الإنسان والحيوان، في حين يساعد على تنسيق جهود الاستجابة، عند تفشي مرض ما.

وشددت منظمة الصحة العالمية على الحاجة الماسة لتعزيز الجاهزية والتأهب لإصابات محتملة بين البشر نتيجة أمراض حيوانية، خصوصاً بوجود فيروسات قادرة على التحور نحو شكل قابل للانتقال بين البشر أنفسهم، مثل انفلونزا الطيور. [vi] ولن نجد مثالاً على ذلك أوضح من جائحة كوفيد-19 التي أكدت على أهمية معالجة الأمراض الحيوانية المنشأ بشكل استباقي.

تحسين الجاهزية عبر البحث والاستثمار

ينطوي الاستثمار المتواصل في البنية التحتية المخصصة للأمن الحيوي، وقدرات مراقبة الصحة العامة، وبحوث تطوير اللقاحات، على أهمية كبيرة لتجنب تفشي الأوبئة مستقبلاً. ولاشك أن الشراكات بين الحكومات والمجتمع العلمي والمعنيين في القطاع تعزز مستويات الجاهزية وقدرات الاستجابة لمثل هذه الأزمات الصحية، في حين يمكن لحملات التوعية العامة تثقيف المزارعين والمجتمعات حول أفضل الممارسات للوقاية من المرض ولفت انتباههم لأهمية الإبلاغ عن أي حالات مشتبه بها بسرعة ودون تردد.

ويعتبر أيضاً التعاون الدولي أمراً أساسياً لمشاركة المعلومات حول تفشي الأمراض، الأمر الذي يقلص من زمن الاستجابة ويدعم جهود احتواء الأمراض. وتقدم المنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان الإرشادات والدعم اللازمين للدول لتطوير إجراءات المراقبة الفعالة لتفشي الأمراض وتطبيقها بكفاءة عالية.

[i] https://www.woah.org/app/uploads/2021/03/safe-trade-for-sustainable-development.pdf

[ii]https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1865597/#:~:text=The%20highly%20pathogenic%20avian%20influenza,as%20a%20potential%20pandemic%20threat

[iii]https://www.woah.org/en/disease/bluetongue/#:~:text=What%20is%20Bluetongue%3F,midges%20of%20the%20Culicoides%20species.

[iv] Improving the health of livestock of smallholder farmers in the border areas of Jordan | Resource Mobilization | Food and Agriculture Organization of the United Nations (fao.org)

[v] https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/influenza-(avian-and-other-zoonotic)

[vi] https://www.who.int/westernpacific/wpro-emergencies/surveillance/avian-influenza

ذات صلـــــة

الأحدث

الأكثر مشاركة

اجتماعات عربية ودولية بالأردن لبحث الأوضاع بسورية السبت

يستضيف الأردن يوم بعد غد السبت الموافق ١٤ كانون الأول ٢٠٢٤ اجتماعات عربية ودولية لبحث تطورات الأوضاع في سورية. فبدعوة من الأردن، يعقد وزراء خارجية...