تناول موقع “تيليفونيكا” الإسباني المتخصص بالأخبار التكنولوجية والعلمية، كيف يمكن حماية الآثار التاريخية وصيانتها، من خلال استخدام التكنولوجيا بعدما لحق بها التخريب كما في العراق وسوريا واليمن.
وذكر الموقع الاسباني في تقرير له بالانكليزية، ترجمته وكالة شفق نيوز، ان التراث التاريخي يتعرض لتهديد مستمر، سواء بسبب العوامل البيئية او بسبب الممارسات التي يقوم بها البشر، مؤكدا ان هناك ضرورة لأن تكون حمايتها جزءا من سياسات الحكومة بشكل دائم، خصوصا خلال نزاعات زمن الحرب التي تلحق بها دمارا كبيرا.
التكنولوجيا تحمي الآثار
والان، يقول التقرير ان بإمكان التكنولوجيا ان تستخدم لحماية التراث التاريخي المتعلق بالمستقبل، موضحا ان التراث التاريخي والثقافي يشكل مجموع الاصول المتوارثة في منطقة معينة على مدار التاريخ، وهي جزء من الحضارة الانسانية والتراث في كل بلد، بالاضافة الى انها تعتبر من المحركات الاقتصادية من خلال السياحة، وهو ما يجب ان يتم نقله الى الاجيال القادمة.
لكن ذلك يتطلب جهدا كبيرا من خلال الصيانة والحماية والادارة المتطورة، وقد وفرت التكنولوجيا وتقنياتها الجديدة الامكانيات لحماية هذه الذاكرة، خاصة في حال استهدافها من جانب الارهابيين او خلال النزاعات المسلحة.
تفجير الآثار
وفي هذا الاطار، لفت التقرير الى تدمير تماثيل بوذا في باميان في أفغانستان منذ اكثر من 20 عاما، والذي تسبب بصدمة عالمية لا مثيل لها، مضيفا انه بعد هذا الهجوم، اصبحت مثل هذه الهجمات على المواقع الاثرية التي لا تقدر بثمن اكثر انتشارا، وصارت جزءا من خطط الدعاية الاستراتيجية التي يطلق عليها احيانا “بث الارهاب الجماعي”.
وفي هذا الاطار، اشار التقرير ايضا الى “الاخبار الحزينة” المتمثلة بتفجير الاضرحة في العراق، وخصوصا في الموصل، والهجوم على قوس النصر في مدينة تدمر السورية، وتفجير مسجد البليلي في اليمن، وغيرها من الاعتداءات.
وبعدما تساءل التقرير عن سبب حدوث هذا التدمير خلال الحروب وتحويل هذه الاثار الى انقاض، لفت ايضا الى ظاهرة التآكل الناجمة عن عوامل مرور الزمن والمناخ والبيئة.
مسؤولية الحكومات
ولهذا، يدعو التقرير الحكومات الى تطوير سياسات وقائية واستخدام التكنولوجيا لحفظ التراث التاريخي والثقافي، مضيفا ان منظمة “اليونسكو” تعمل على هذا النهج منذ عقود، خصوصا منذ اتفاقية العام 1972 المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، حيث انه من غير الممكن استدامة اي تقدم من دون الجذور الثقافية للماضي، وبالتالي فإن حماية التراث التاريخي مسألة ضرورية لتحقيق ذلك.
وفي هذا الاطار، قال التقرير ان تطوير تقنيات معينة تمثل وسيلة قوية في مواجهة تلاشي التراث الثقافي، بما في ذلك من خلال “الواقع الافتراضي” (VR)، والذي يتيح انشاء نماذج رقمية تفاعلية للمباني والاثار وغيرها من الاشياء التراثية.
واوضح التقرير انه من خلال استخدام اجهزة “الواقع الافتراضي”، يصبح بالامكان استكشاف هذه النماذج وتجربة الاحساس بالانغماس في البيئة التاريخية، وهي امكانية يتم الاستفادة منها كثيرا في قطاع التعليم.
وذكر التقرير انه من اجل اقامة هذه النماذج الافتراضية، فإنه يتم احيانا استخدام الماسحات الضوئية الليزرية لاقامة نماذج رقمية ثلاثية الابعاد وشديدة الدقة للمباني والاثار وغيرها من الاثار التي ما تزال قائمة، وهي تقنية يمكن استخدامها من اجل توثيق الوضع الحالي للاثار وايضا من اجل التخطيط للقيام باعمال الترميم او الصيانة.
الطائرات المسيرة
وبالاضافة الى ذلك، يتم استخدام الطائرات المسيرة على نطاق واسع من اجل دعم عمل علماء الاثار وغيرهم من المهنيين المشاركين في الحفاظ على هذه الاثار الفريدة، حيث تلتقط هذه الاجهزة صورا جوية للاثار والمواقع الاثرية على ان تجري معالجتها بعد ذلك لانشاء نماذج ثلاثية الابعاد وخرائط طبوغرافية بما يساعد العلماء على فهم بيئة الموقع والتوزيع المكاني للقطع الاثرية بشكل افضل.
والى جانب ذلك، هناك ايضا انظمة مراقبة واجهزة استشعار قادرة على قياس وتسجل العوامل البيئية المؤثرة على هذه الاثار، كالرطوبة ودرجة الحرارة وجودة الهواء وغيرها.
وتابع التقرير ان هناك تقنية مسح ثلاثي الابعاد تسمى “بوليكام” (Polycam) التي تستخدم من جهاز محمول بإمكانه توثيق السيناريوهات المحددة في ثلاثة ابعاد حيث يقوم النظام بتحميل هذه المعلومات الرقمية، مما يسهل توزيعها عالميا، وبالتالي امتلاك القدرة على التمتع بها وما تمثله بهويتها الثقافية.
وما توفره هذه التقنية انها تتيح تكوين دليل ارشادي ومرجع لاعادة بناء كنوز البلدان المنكوبة لاحقا.
حرب أوكرانيا والآثار
وختم التقرير بالقول انه تم استخدام هذا النظام في اوكرانيا كجزء من حملة تسمى “دعم اوكرانيا” تستهدف ضمان توثيق كل مبنى او نصب تذكاري او مركز او موقع بالتقنية الرقمية وذلك بدقة كاملة طالما انها موجودة.